حركات التحرر للشعوب لا تقاس انطلاقتها بعامل الزمن أو التوقيت ، بل هي حركة دائمة ما دامت الحاجة إليها ومادامت الشعوب تقع تحت ظل الإحتلال أو الظلم الواقع عليها .
وحركات التحرر الوطنية هي دائمة وفي ديمومة مستمرة ولا يمكن أن يقال بالشكل المطلق أن حركة التحرر الوطني لأي شعب قد هزمت ، ولكن ممكن القول أن حركة التحرر الوطني في فترة ما وفي زمن ما قد اجهظت ووقع عليها عوامل الإجهاظ بطرق مختلفة كالضغوط الخارجية أو وجود عوامل إنقسام داخلية في بنيتها وأطرها أو خطف حركة التحرر والجنوح بها بشكل مغاير ومعاكس بدرجة 180 درجة ومن هنا نقول أن حركة التحرر الوطني في هذه الفترة قد انحرف مسارها ولكن لم تنحرف حركة الشعوب الوطنية ، فكما قلت ليست هي مرتبطة بعامل التوقيت والزمن .
ومن هذا المدخل ، هل حركة التحرر الوطني الفلسطيني المعاصرة قد حققت أهدافها ؟؟ ، بالقطع لا ، ولكي نضع الحجج لإجابة هذا السؤال فلقد تكاتفت على حركة التحرر الوطني الفلسطيني عوامل ذاتية وموضوعية أدت إلى إنحرافها والخروج عن مسارها ( أهدافها ومبدائها ومنطلقاتها ونظامها ) وترجمت جميع العوامل في خطف الإسم اللامع جماهيريا لحركة فتح من قبل فئة تنامت وترعرعت مع عامل الزمن في داخلها وانحرفت بمسارها بشكل معاكس فبدلا من أن تكون حركة التحرر الوطني الفلسطيني هي أداة لمقاومة الإحتلال والإمبريالية أصبحت حركة لا تنطبق عليها مواصفات حركات التحرر للشعوب وخاصة أن الشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية مازالت محتلة ومازال هناك لاجئين في انحاء العالم ومازالت مصالح هذا الشعب في الحرية والإستقلال بعيدة المنال .
حركة التحرر الوطني الفلسطيني التي قامت أسسها على وحدة المصلحة في التحرير أتت كظاهرة فريدة من نوعها في الوطن العربي في العصر الحديث بعد أن فشلت جميع البرامج لدى النظام الرسمي العربي لمقاومة الإحتلال الصهيوني للأرض العربية الفلسطينية .
وللدارسين لهم كلمة القول ولا نعتقد أن هناك عيوب نظرية في ما قدمته حركة التحرر الوطني الفلسطيني من علاجات لطبيعة المشكلة العربية الصهيونية ، وأتت جميع العيوب والعوامل التي أدت إلى اجهاظها في العصر الراهن إلى عدة ممارسات سياسية وأمنية أدت إلى إختراقات كبيرة في صفوفها ونتج عن هذه الإختراقات ( تجميد الفكر المقاوم الفلسطيني ) بالإضافة إلى ظهور طبقة البيروقراطية والرأس مالية والبرجوازية والتي طغت على كل الأطر القيادية لحركة التحرر الوطني الفلسطيني وهذا يتنافى مع سيكولوجيا حركات التحرر الوطنية في العالم وتتناقض تلك المظاهر مع مصالح الشعب الفلسطيني الذي نسبة اللاجئين فيه حوالي 75% من عدد السكان الأصليين لفلسطين .
وبمجرد خروج حركة التحرر الوطني الفلسطيني أقصد قيادتها عن حيثيات المشكل وطبيعة التعامل مع الواقع المزري الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني لا نستطيع القول أن تلك القيادة تقود حركة تحرر وطني فلسطيني ، بل قيادة رجعية إستولت على مقاليد القرار في داخل حركة التحرر الوطني الفلسطيني وانحرفت به وقعت في أحضان الإملاءات والنظرة الأمريكية الصهيونية وهذا يتنافى أيضا مع المنظور الأساسي لطبيعة حركات التحرر حيث تمادت تلك القيادة في إفساد الأطر الداخلية للحركة وتمادت في نسج علاقات مباشرة مع الإحتلال وفي ظل الإحتلال ويكفي هذا لتجريمها من قبل الشعب .
تعرضت حركة التحرر الوطني الفلسطيني إلى تراجعات وانتكاسات تمخض عنها عدّة إنشقاقات لم يساعدها النجاح على الظهور نتيجة طبيعة النظام الرسمي العربي المغذي للحركة الأم لتي تقودها القيادة الرجعية في الحركة التي استولت أيضا على مقاليد السلطة والقرار في منظمة التحرير الفلسطينية وكان مطلب تلك القيادة الوحيد الإعتراف بمنظمة التحرير ، هل هناك حركة تحرر تطالب العالم بالإعتراف بها ؟ .. أم الوقائع على الأرض هي التي تفرض هذا الإعتراف ؟ ، وظفت تلك القيادة منظمة التحرير لتمرر مجموعة من التراجعات السياسية والنضالية بعقد عدة اتفاقيات واتصالات مباشرة مع العدو الصهيوني وكذلك التغاضي عن عدة إختراقات تتعارض في وجودها مع مفهوم حركة التحرر الوطني .
مازالت تلك القيادة بقيادة عباس تتحمل مسؤولية الإنحراف الذي أتى بالتدريج إلى أن استولى عباس على منظمة التحرير بمفبركة قانونية من خلال المجلس المركزي المنتهية صلاحيته ومن خلال الفبركات أيضا استطاع أخذ قرار من المجلس الثوري لحركة التحرر الوطني الذي ابتعد سلوكه عن كل ما يمت بصلة لحركة التحرر الوطني أخذ قرار برئاسة حركة فتح وهذا ليس موجودا في نظامها أساسا .
عوامل كثيرة وكثيرة نستخلص منها النتائج بان حركة التحرر الوطني الفلسطني المعاصرة لم تحقق أهدافها ولكن حركات التحرر مستمرة فمن الخطأ نسب حركة التحرر الوطني الفلسطيني بإسم مجرد يسمى ( فتح ) وهو مقلوب كلمات حركة التحرر الفلسطيني ، وإذا ما نسبنا ذلك نظلم حركات التحرر ومفاهيمها نظريا وعمليا ونتجنى عليها والتمسك ( بكلمة فتح ) واستغلال تاريخ حركة التحرر الوطني الفلسطيني هذه الأيام لعملية الحقن الفئوي العصبوي ما هو إلا تمرير لعدة تراجعات قاتلة تقصد تصفية القضية الفلسطينية .
ومن المهم لطبقة المثقفين العرب أن يصفوا تلك القيادة التي تتمترس على رأس حركة التحرر الوطني بالعودة إلى المسمى الأصلي وهي ( حتف ) وهو التجميع المباشر لحركة التحرر الفلسطيني ، وأيضا حتف كانت تعني الموت لأعداء الأمة والموت للإحتلال والموت للظلم والموت للعصابات الصهيونية والمغتصبات الصهيونية القائمة على أرض فلسطين ، ولا يمكن أن تتحول كلمة حتف إلى فناء القضية الفلسطينية وموتها ، وإلى فناء وقتل قضية اللاجئين وكما ذكر عباس ( حل خلاق أو مبتكر لقضية اللاجئين ) .
إذا إلى أين تتجه حركة التحرر الوطني الفلسطيني ؟ .. نستطيع أن نقول أن حركة التحرر الوطني الفلسطيني لم تمت بدليل أن حركة التحرر الوطني الفلسطيني المعاصرة بدأت بالشيخ عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني وأبو علي إياد وجورج حبش ووديع حداد و كمال عدوان وابوجهاد وكمال ناصر والشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وابوجهاد والشقاقي واحمد جبريل وأبو عمار وكثير من القيادات لحركات التحرر الوطني الفلسطيني التي سارت على مفاهيم حركات التحرر ومازال الطريق طويل ومفتوح لحركات التحرر الوطني الفلسطيني المتواصلة المتصلة مع تاريخها ولا يمكن أن نقول أن عباس ومستشاريه هم من يمثلون حركة التحرر الآن ولا يجب أن تؤخذ المقاييس والمسميات على هؤلاء بل سيقول التاريخ أن هؤلاء فئة استولت على دفّة القارب الفلسطيني وانحرفت به وهذا لا يعني أن لا يكون هناك ربانا ليوجه هذا القارب إلى إتجاهه الصحيح في محاربة ومقاومة الإحتلال وأن يستند هذا الربان أيضا إلى القرارات الدولية التي تعطي الشعوب مشروعية المقاومة ضد الظلم والإحتلال والحركات الرجعية في صفوفها .
سواء فتح أو حتف ففتح فتح مبين يعطي الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة على أرض فلسطين ، وحتف تعني الموت لأميركا والصهيونية والموت للإحتلال والظلم والقهر أما هؤلاء لن يستطيعوا بأي حال من الأحوال كبح حركات التحرر للشعوب التي تقاوم الإحتلال .[/